إن رأيتَ نفسك تصاغرت إليها الدنيا، أودعتكَ إلى الزهادةِ فيها
على حالِ تعذرٍ من الدنيا عليكَ فلا يغرنكَ ذلك من نفسكَ على تلكَ الحال، فإنها
ليست بزهادةٍ، ولكنها ضجرٌ واستخذاءٌ وتغيرُ نفسٍ عندما أعجزكَ من الدنيا وغضبٌ
منكَ عليها مما التوى عليكَ منها. ولو تمت على رفضها وأمسكتَ عن طلبها أوشكتَ أن
ترى من نفسكَ من الضجرِ والجزعِ أشد من ضجركَ الأولَ بأضعافِ. ولكن إذا دعتكَ
نفسكَ إلى رفضِ الدنيا وهي مقبلةٌ عليكَ، فأسرع إلى إجابتها.
(ابن المقفع), موسوعة الحكم.