يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا موطن الخطايا، ويا مستودع الرزايا، اذكر ما قدّمت يداك، وكن خائفًا من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك، فيصدك عن بابه، ويبعدك عن جنابه، ويمنعك عن مرافقة أحبابه، فتقع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشرك الخسران، وكلما رُمت التخلص من غيّك وعناك، صاح بك لسان الحال وناداك:
إليك عنا فما تحظى بنجوانا *** يا غادرًا قد لها عنا وقد خانا
أعرضت عنا ولم تعمل بطاعتنا *** وجئت تبغي الرضا والوصل قد بانا
بأي وجه نراك اليوم تقصدنا *** وطال ما كنت في الأيام تنسانا
يا ناقض العهد ما في وصلنا طمع *** إلا لمجتهد بالجدّ قد دانا
يا من باع الباقي بالفاني، أما ظهر لك الخسران، ما أطيب أيام الوصال، وما أمرّ أيام الهجران، ما طاب عيش القوم حتى هجروا الأوطان، وسهروا الليالي بتلاوة القرآن فيبيتون لربهم سجدًا وقياما.
موسوعة الحكم.